top of page
بحث
صورة الكاتبطالب

ظاهرة التنمّر في المدارس


الترهيب والتسلط أو ما يسمى حديثاً بالتنمر المدرسي، هو في الواقع سلوك عدواني ضد الطالب الأضعف في المدرسة او الفصل الدراسي. وفي بعض الدراسات تسمى الاستئساد أو البلطجة، أو الاستقواء، bullying، كلها أسماء مختلفة لظاهرة سلبية نشأت في الغرب و بدأت تغزو مدارسنا بفعل تأثيرات العولمة و الغزو الإعلامي الغربي.


ويأخذ التنمر أشكالاً عدة منها التنمر اللفظي ويشمل السخرية والاستفزاز والتعليقات غير اللائقة والتهديد، والتنمر الجسدي مثل الضرب والعنف وغيرها من طرق الإيذاء البدني، والتنمر العاطفي من خلال الإحراج الدائم للشخص ونشر الشائعات حوله.


تعريف التنمّر


يعرف موقع ويكيبيديا التنمر على أنه سلوك عدواني متكرر يهدف للإضرار بشخص آخر عمداً، جسدياً كان أو نفسياً، و يهدف إلى اكتساب السلطة على حساب شخص آخر. يمكن أن تتضمن التصرفات التي تعد تنمراً التنابز بالألقاب، أو الإساءات اللفظية أو المكتوبة، أو الإقصاء المتعمد من الأنشطة، أو من المناسبات الاجتماعية، أو الإساءة الجسدية، أو الإكراه. و يمكن أن يتصرف المتنمرون بهذه الطريقة كي يُنظر إليهم على أنهم محبوبون أو أقوياء، أو قد يتم هذا من أجل لفت الانتباه. و يمكن أن يقوموا بالتنمر بدافع الغيرة أو لأنهم تعرضوا لمثل هذه الأفعال من قبل.


يعتبر دان ألويس النرويجي (Dan Olweus) – الأب المؤسس للأبحاث حول التنمر في المدارس. و يعرف ألويس التنمر المدرسي بأنه أفعال سلبية متعمدة من جانب تلميذ أو أكثر لإلحاق الأذى بتلميذ آخر، تتم بصورة متكررة وطوال الوقت، ويمكن أن تكون هذه الأفعال السلبية بالكلمات مثل: التهديد، التوبيخ، الإغاظة والشتائم، كما يمكن أن تكون بالاحتكاك الجسدي كالضرب والدفع والركل، أو حتى بدون استخدام الكلمات أو التعرض الجسدي مثل التكشير بالوجه أو الإشارات غير اللائقة، بقصد وتعمد عزله من المجموعة أو رفض الاستجابة لرغبته.


أسباب الظاهرة



أرجعت الدراسات أسباب ظهور التنّمر في المدارس إلى التغيّرات التي حدثت في المجتمعات الإنسانية، والمرتبطة أساساً بظهور العنف والتمييز بكل أنواعه، واختلال العلاقات الأسرية في المجتمع، وتأثير الاعلام على المراهقين في المراحل المتوسطة والثانوية، وكثرة المهاجرين الفقراء الذين يسكنون الأحياء الفقيرة وعدم قدرة أهل هؤلاء الطلبة المتُنمّرين على ضبط سلوكاتهم. وعموماً يمكن تلخيص أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة التنمر في النقط التالية :


أ- الأسباب السيكوسوسيولوجية: أن يلجأ الطفل إلى العنف نتيجة مرضه واضطراباته السلوكية التي تحتاج إلى علاج وتدخّل من أشخاص مهنيين، مثل الأطباء النفسيين المختصين في الطب النفسي للأطفال أو الاختصاصيين النفسيين أو المرشدين في المدارس . فأحياناً تعود أسباب التنمر إلى اضطرابات نفسية قد تحتاج إلى علاج دوائي وهذا بالطبع يكون بعد أن يتم الكشف من قِبل طبيب نفسي ومن الأهمية أن يكون هذا الطبيب مختصاً في الطب النفسي للأطفال .


ب – الأسباب الأسرية: تميل الأسر في المجتمعات المعاصرة إلى تلبية الاحتياجات المادية للأبناء من مسكن وملبس ومأكل و تعليم جيد و ترفيه، مقابل إهمال الدور الأهم الواجب عليهم بالنسبة للطفل أو الشاب، ألا و هو المتابعة التربوية وتقويم السلوك وتعديل الصفات السيئة و التربية الحسنة. و قد يحدث هذا نتيجة انشغال الأب أو الأم أو هما معا عن تربية أبنائهما و متابعتهم، مع إلقاء المسؤولية على غيرهم من المدرسين أو المربيات في البيوت. وإلى جانب الإهمال، يعتبر العنف الأسري من أهم أسباب التنمر، فالطفل الذي ينشأ في جو أسري يطبعه العنف سواء بين الزوجين أو تجاه الأبناء أو الخدم، لابد أن يتأثر بما شاهده أو ما مورس عليه. وهكذا فإن الطفل الذي يتعرض للعنف في الأسرة، يميل إلى ممارسة العنف والتنمّر على الطلبة الأضعف في المدرسة. كذلك الحماية الزائدة عن الحد تعيق نضج الأطفال وقد تظهر لديهم أنواع من الفوبيا كفوبيا المدرسة والأماكن المفتوحة لاعتمادهم الدائم على الوالدين، فالحماية الأبوية الزائدة تقلل من شأن الطفل وتضعف من ثقته بنفسه وتشعره بعدم الكفاءة.


ج- الأسباب المرتبطة بالحياة المدرسية: ارتقى العنف في المدارس المعاصرة إلى مستويات غير مسبوقة، وصلت حد الاعتداء اللفظي والجسدي على المدرسين من طرف الطلاب وأولياء أمورهم، حيث اندثرت حدود الاحترام الواجب بين الطالب ومعلمه، مما أدى إلى تراجع هيبة المعلمين وتأثيرهم على الطلاب، الأمر الذي شجع بعضهم على التسلط و التنمر على البعض الآخر، تماماً كما يقع في المجتمعات عندما تتراجع هيبة الدولة والمؤسسات الأمنية. بالإضافة إلى غياب الأنشطة الموازية داخل المدارس، و اختزال الحياة المدرسية في الأنشطة الرسمية التي تمارس داخل الفصل في إطار تنزيل البرامج الدراسية .


د- الأسباب المرتبطة بالإعلام و الثورة التقنية: اعتمدت الألعاب الإلكترونية عادة على مفاهيم مثل القوة الخارقة وسحق الخصوم واستخدام كافة الأساليب لتحصيل أعلى النقاط والانتصار دون أي هدف تربوي، لذلك نجد الأطفال المدمنين على هذا النوع من الألعاب، يعتبرون الحياة اليومية بما فيها الحياة المدرسية، امتدادا لهذه الألعاب، فيمارسون حياتهم في مدارسهم أو بين معارفهم والمحيطين بهم بنفس الكيفية. وهنا تكمن خطورة ترك الأبناء يدمنون ألعاب العنف، لذلك ينبغي على الأسرة عدم السماح بتقوقع الأبناء على هذه الألعاب والسعي للحد من وجودها، كما ينبغي على الدولة أن تتدخل وتمنع انتشار تلك الألعاب المخيفة ولو بسلطة القانون لأنها تدمر الأجيال وتفتك بهم. و إلى جانب الألعاب الإلكترونية، وبتحليل بسيط لما يعرض في التلفاز من أفلام – سواء كانت موجهة للكبار أو الصغار – نلاحظ تزايد مشاهد العنف والقتل الهمجي والاستهانة بالنفس البشرية بشكل كبير في الآونة الأخيرة، ولا يخفى على أحد خطورة هذا الأمر خصوصاً إذا استحضرنا ميل الطفل إلى تصديق هذه الأمور و ميله الفطري إلى التقليد وإعادة الإنتاج.


علاج الظاهرة



أول خطوة لعلاج هذه المشكلة هو الاعتراف بوجودها، تليها مرحلة التشخيص للوقوف على حجم هذه الظاهرة في مدارسنا و تحديد المستويات الدراسية التي تنتشر فيها أكثر من غيرها، و معرفة الأسباب التي تؤدي إلى انتشار التنمر. عندئذ يمكننا أن نعمل على إيجاد حلول لهذه المشكلة التي تنتشر أكثر في الدول الغربية بسبب التغييرات التي تحدث في المجتمعات وتأثير الإعلام الذي غيّر كثيراً من سلوكيات الأطفال والمراهقين، و امتد تأثيرها ليشمل حتى سلوكيات البالغين . و في الخليج العربي، تعتبر الوقاية من التنمر في المدارس أحد برامج الخطة الجديدة لـ”اليونيسف” في المنطقة للمرحلة : 2014-2017، والهدف الرئيسي لهذا البرنامج هو الوصول لمدارس خالية من التنمر لضمان بيئةٍ آمنةٍ للأطفال.


ففي دولة الإمارات فقد قطعت الجهات المختصة شوطاً كبيراً في مكافحة التنمر في المدارس، وبذلت جهوداً مضنية في زرع ثقافة الوقاية لدى المؤسسات التعليمية من خلال إطلاقها برامج خاصة تساهم في تلاشي هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا، وعلى رأسها حملة الأسبوع الوطني للوقاية من التنمر الذي أطلقته وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، بالإضافة إلى المبادرات الذاتية التي تطلقها المؤسسات التعليمية.


ختامًا ينبغي التذكير بخطورة ظاهرة التنمر و أن أي علاج لها لابد و أن يسبقه تشخيص دقيق للحالة أو الحالات المعنية، قبل التدخل وفق استراتيجية واضحة المعالم، و حبذا لو كانت هذه الاستراتيجية تحمل سمات مشروع تربوي متكامل، وفق مقاربة شمولية لمعالجة الظاهرة من جميع الزوايا.


المرجع:

-موقع تعليم جديد: https://www.new-educ.com/intimidation-scolaire

٥١٧ مشاهدة٠ تعليق

Comments


234635.png

موقع اقرأ

bottom of page