تقوم الأسرة بدور رئيسي في عملية تنشئة الأبناء اجتماعياً وثقافياً وتعليمياً، فهي التي تضع اللبنات الأولى في بناء الشخصية. ولا يتوقف دور الأسرة عند هذا الحد، بل يستمر في متابعة تنشئة الأبناء حتى مراحل النضج والرشد، وبالتالي فهي أساس المجتمعات. وتشكل الأسرة السلوك والاتجاهات الأولى والمستقبلية للأبناء، فهي تعرفهم على السلوك المقبول اجتماعياً وتزودهم بالمهارات والخبرات التي تساعدهم على القيام بأدوارهم الاجتماعية المطلوبة. من هنا، لم يعد دور المدرسة مقتصراً على تعليم أساسيات القراءة والكتابة والحساب، بل يمتد ليشمل تعليم وتسهيل عملية تعلم مختلف المعارف عبر تنمية مهارات التفكير. ولا تستطيع المدرسة ان تقوم بعملها بمعزل عن الأسرة، ولا حل المشكلات الاجتماعية التي تواجهها إلى بالتعاون مع الأسرة، وبخاصة في عصر العولمة والتحديات التي تواجه التعليم. فالطلبة يقضون حوالي 70% من وقتهم خارج المدرسة بما فيها فترات الإجازات.
وظائف الأسرة تجاه الأبناء
عادةً ما تقوم الأسرة بعدة وظائف لإشباع الحاجات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية لأفرادها، ومن بين تلك الوظائف:
- تعليم الأبناء القيم والأخلاق والعادات التي تساعدهم على الانخراط في مجتمعهم بسهولة وانسيابية، كالصدق والتعاون والتسامح والأمانة. يقول ابن القيم رحمه الله: "فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوها صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آبائهم كباراً".
- توفير الأمن والاستقرار النفسي للأبناء بمعالجة المشاكل التي قد يواجهونها، وزرع الثقة في نفوسهم واشعارهم بالحب والاهتمام وتوفير الحماية لهم من الأخطار التي قد تواجههم مثل المخدرات والعنف.
- دعم تعليم الأبناء أساسيات القراءة والكتابة والمهارات التي قد يتعلمونها في المدرسة. وتعتبر الأسرة المعلم الأول للأبناء. وعادةً ما تقوم بهذه الوظيفة الأسرة التي تعي أن دورها التعليمي مكمل لدورها التربوي.
أنواع ونماذج الأسر التي ينشأ فيها الطفل
- الأسرة النابذة: وهي التي تنبذ طفلها وتحرمه الحنان والحب والاهتمام، فينشأ الطفل ساخطاً على أسرته ومجتمعه. لذا عادةً ما يقوم هؤلاء الأطفال بسلوكيات خاطئة ومنحرفة لجذب الاهتمام والرعاية ممن حولهم.
- الأسرة القابلة: وفيها يكون الطفل مقبولاً من أسرته، ويلقى الاهتمام والرعاية والنشأة الطيبة، حيث يكتسب في محيطها أخلاقاً وقيماً يجعله من المتميزين.
- الأسرة المستبدة: وفيها يكون الطفل مطيعاً لوالديه طاعةً عمياء، لا يبدي رأياً ولا يشاور، فينشأ بشخصية ضعيفة، لا يثق بنفسه، سهل الانقياد من قبل الآخرين.
- الأسرة المسرفة: تغدق على الطفل الحب والاهتمام والحنان وتلبية جميع طلباته، فينشأ ضعيف الشخصية لا يسيطر على مشاعره وانفعالاته ولا يعرف كيف يدير شؤونه.
- الأسرة الديموقراطية: تقدم للطفل خيارات مختلفة وآليات تساعده في اختيار القرارات المناسبة، مما يسهل عملية اندماجه مجتمعياً.
يتضح مما سبق ان أفضل النماذج التي ينشا فيها الطفل هي الأسرة الديمقراطية والأسرة القابلة. حيث يعمل هذان النموذجان على زرع الثقة بالنفس وتمكين الأبناء من القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة. من هنا يمكن ان يشارك كلا النموذجين المدرسة في العملية التعليمية بفعالية.
Comments